Mouvement Ettajdid حركة التجديد

الصفحة الأساسية > عربي > نشـاط الحـركـة > أرشيف نشاط الحركة > أحمد إبراهيم، الأمين الأول لحركة ’التجديد’

حديث إلى "حقائق"

أحمد إبراهيم، الأمين الأول لحركة ’التجديد’

الاثنين 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2007, بقلم Webmaster

- عبرتم عن نيتكم في التجديد وجمع أقصى ما يمكن من الطاقات. أين يلوح هذا التجديد؟

هذه الإرادة التجديدية هي التي كانت وراء الديناميكية التي أدت إلى مؤتمرنا الأخير بكل ما جسده من نمط غير معهود في النظر إلى السياسة والعمل السياسي المنظم وفي مفهوم التنظيم الحزبي ذاته. فالذي حدث لم يكن مجرد تطوير من الداخل لتحاليلنا ورؤانا وهياكلنا بالاعتماد فقط على مناضلي الحركة وإطاراتها كما يحدث عادة في المؤتمرات الحزبية التقليدية... عوضا عن ذلك، نحن خيرنا اعتماد تمش كان بمثابة التحدي الصعب والواعد في آن واحد: هذا التحدي تمثل في فتح مؤتمرنا في جميع مراحل إعداده وإنجازه وعلى أساس المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات لكل المناضلين المستقلين الذين يشاطروننا توجهنا الديمقراطي والحداثي والتقدمي ووفرنا من أجل ذلك كل الآليات التي تضمن الشراكة مثل الهيئة الوطنية للإعداد التي كوناها معا على قاعدة التناصف بيننا وبينهم وخولنا لها كامل الصلاحيات... فكان المؤتمر مؤتمرا طريفا ليس فقط من حيث محتواه - أي الأرضية الفكرية والسياسية المشتركة والصيغة الجديدة للقانون الأساسي والبرنامج الاقتصادي والاجتماعي- ولكن أيضا وبالخصوص من حيث تركيبة القيادة الجديدة التي انتخبها المؤتمر- أي "المجلس المركزي " و"الهيئة السياسية" و"أمانة الحركة" المنبثقتين عن هذا المجلس - وكلها هياكل شكلناها طبقا لقاعدة التناصف بين من كانوا في الحركة قبل المسار التأسيسي الجديد ومن كانوا يسمون "مستقلين"... وجميعنا منصهرون اليوم انصهارا تاما في صلب حركة سياسية نريدها حركة من طراز جديد حقا.

- هل من أمثلة عن مواطن الجدة هذه؟

سأكتفي بمثالين لهما علاقة بجدلية التنوع والوحدة:

- المثال الأول سآخذه من الأرضية التأسيسية للحركة بوصفها حركة تعددية وموحدة في نفس الوقت، متكونة من التأليف الحي بين مقاربات مختلفة لكنها تلتقي في المرجعية الديمقراطية وفي التوجه التقدمي بروافده الفكرية المتنوعة بشرط أن تكون هذه التيارات والمقاربات قد استخلصت الدروس من التجارب التاريخية في اتجاه نبذ كل تحجر وكل نزعة تسلطية من ناحية، وربط التقدم والتحرر الوطني والاجتماعي ربطا متلازما بالديمقراطية من ناحية أخرى، ونجد من ضمن هذه الروافد المتعددة كل ما هو متفتح وتحديثي وعقلاني وتقدمي وإنساني في عصرنا وفي التراث الفكري والنضالي الميداني للفكر الاشتراكي بمختلف اتجاهاته ومدارسه بما فيها الماركسية المتجددة، واليسار التونسي بجميع تياراته، والحركة النقابية والعمالية الوطنية والعالمية، وحركة الإصلاح التونسية والحركة الوطنية بمختلف مكوناتها، وحركة التحرر العربية، علاوة على ثقافة الدفاع عن حقوق الإنسان وثقافة الدفاع عن البيئة والمحيط وثقافة الدفاع عن السلام العادل والتضامن والمساواة والتآخي بين الشعوب.

- أما المثال الثاني فسأستقيه من القانون الأساسي في صيغته الجديدة التي أقرها المؤتمر والذي يبني الحياة الحزبية على مبدأ سيادة المنخرطين وعدم اختزال الحركة في مجموعة قيادية أو "زعيم" أوحد وضمان حرية التعبير الفردية والجماعية داخل الحركة وخارجها وحماية حقوق الأقليات وحق تواجد الحساسيات بما في ذلك التواجد المنظم بمناسبة المؤتمرات حيث يخول لها تقديم قائمات على أساس لوائح متنافسة تكون ممثلة في الهيئات القيادية بناء على مبدأ التمثيل النسبي، الخ... فنحن إذن كما ترى مقدمون على تغييرات كبيرة في الساحة الوطنية التي نطمح إلى أن ندخل فيها ثقافة سياسية جديدة وطريقة مغايرة في ممارسة العمل السياسي....

- تتحدثون عن تغييرات... ما هي أهم التغييرات بعد عقد مؤتمركم وما هي أولوياتكم؟
هنالك أولويات تنظيمية تتعلق بإتمام الهيكلة كإرساء مجلسنا الوطني، الذي يضم إلى جانب المجلس المركزي المنتخب من المؤتمر ممثلي الفروع والجامعات، وهو ما يفترض عقد مؤتمرات هذه الأخيرة في الأسابيع القادمة...وكذلك الإعداد لصدور جريدتنا "الطريق الجديد" أسبوعيا، هذا إلى جانب المساعي التي ننوي القيام بها لاستكمال أهداف المسار التوحيدي الذي كان النجاح الكبير لمؤتمرنا لبنة أساسية في إنجازه لكنه في حاجة إلى مجهودات إضافية في اتجاه تشريك المزيد من الإطارات الفاعلة وأوسع الكفاءات ... ومن جهة أخرى لنا أولويات ميدانية، سياسية واجتماعية، سنقوم في شأنها بمبادرات عما قريب...

- لكم موقف معين من مجموعة 18 أكتوبر خاصة فيما يتعلق بالإسلاميين. فهل هذا الموقف قابل للتطور؟

لا وجود في السياسة لشيء ساكن جامد لا يعرف التطور ونحن من أنصار الحوار مع كافة الأطراف على ضوء رؤيتنا للحركة الديمقراطية وضرورة توحدها على أساس هويتها ومشروعها الحداثي والتقدمي الذي عليها أن تطرحه كبديل مقنع يقطع إيجابيا ليس فقط مع النهج التسلطي السائد ولكن أيضا مع البدائل المغلوطة التي توظف المشاعر والمقدسات الدينية المشتركة لشعبنا وتحمل بسبب ذلك في طياتها مخاطر تقويض مكاسبه والارتداد به إلى الوراء...أما بالنسبة للموقف من 18 أكتوبر، فاسمح لي بالتذكير بأننا ساندنا مساندة قوية وواضحة المطالب التي رفعها آنذاك المضربون عن الطعام وهذه المطالب كانت ولا تزال من مطالبنا المشتركة والمتأكدة الأمس واليوم وغدا لأننا جميعا مع حرية التعبير والتنظيم ومع تنقية المناخ السياسي التي تبدأ دونما شك بسن العفو العام ورفع المظالم على كل الذين تعرضوا للقمع بسبب آرائهم وفي مقدمتهم الإسلاميين...كل هذا يشكل نقطة التقاء بديهية لما يمكن تسميته بالتحرك للمطالبة بالحقوق والحريات الفردية والجماعية، ونحن بطبيعة الحال جزء من هذا التحرك، لكننا نرى أنه لا يجب الخلط بينه وبين الحركة الديمقراطية التي لا يصح النظر إليها وكأنها مجرد تجميع لكل من يقول "لا" للسلطة والتسرع بناء على ذلك في عقد تحالفات استراتيجية قد تستخف بالمكاسب الوطنية ولا تولي الأهمية اللازمة للارتباط العضوي الضروري بين الديمقراطية والحداثة فتختلط حينئذ الأوراق وتنطمس خصوصية هوية الحركة الديمقراطية والتقدمية ومشروعها المختلف جوهريا بل المتناقض تماما مع المشاريع والبدائل المعلنة لبعض الإسلاميين...

- بعد تجربتكم مع فصائل وشخصيات في صلب ما سمي بالمبادرة الديمقراطية، هل ستحافظون على هذه التجربة أم ستعملون على البحث عن صيغ أخرى للتحالف؟

تجربة "المبادرة الديمقراطية" التي خضناها مع أطراف منظمة وشخصيات مستقلة بمناسبة انتخابات 2004 كانت بحق تجربة رائدة تتجاوز ما هو ظرفي في تلك المناسبة لأنها تمثل لبنة في طريق توحيد الحركة التقدمية وبناء القطب الديمقراطي الواسع... صحيح أن أغلب الطاقات المستقلة التي أسست معنا تلك المبادرة قد تجاوزت التحفظات القديمة إزاء الالتزام المنظم ولعبت الدور المعروف في إنجاح المسار التأسيسي التوحيدي الذي كان مؤتمرنا الأخير تتويجا له، ولكن هذا لا يعني أن حركتنا في صيغتها الجديدة تعويض للمبادرة. على العكس من ذلك، هذه الحركة تريد أن تلعب دور الدافع والمحرك لتعزيز الطابع الائتلافي للمبادرة وتوسيعه إلى قوى أخرى منظمة وغير منظمة استعدادا لخوض المعارك السياسية القادمة في ظروف أكثر نجاعة وأوفر حظا من ذي قبل.

- اتسمت علاقة حركة التجديد مع السلطة منذ مدة باختلافها عن بقية الأحزاب الممثلة في البرلمان. ما هو مستقبل هذه العلاقة؟

علاقتنا بالسلطة مختلفة فعلا كما قلت عن علاقة بقية الأحزاب التي لها نواب في البرلمان، وذلك على الأقل منذ أن أعاد مؤتمرنا الأول (ماي 2001) موقعة حركتنا بوضوح في المعارضة بناء على استخلاص كل الدروس من تجربة "الوفاق" وما طغى عليها في المفهوم والممارسة من إفراغ للتعددية من فحواها ومحولة فرض الدوران في فلك السلطة وحزبها، ويكمن هذا الاختلاف بالخصوص في خطنا المعارض الحازم والحرص على استقلالية قرارنا وعلى الاستعداد في الآن نفسه للحوار الجدي والمسؤول من أجل إيجاد الحلول لمعضلات البلاد ومشاكل المواطنين.... أنا أعتقد أن هذا الاستعداد للحوار الذي تحترم فيه مختلف الأطراف الوطنية بعضها بعضا بعيدا عن كل هيمنة وكل تبعية وكل محاولة تدجين أو تهميش أو على الأقل بعيدا عن كل تطير لاعقلاني من الرأي المخالف، هذا الاستعداد ينبغي في رأيي أن يكون موجودا لدى الجميع ولدى السلطة قبل غيرها... ونحن من ناحيتنا كنا وما زلنا وسنبقى متفتحين ومستعدين للترحيب بكل بادرة إقلاع عن الانغلاق وعدم التسامح وبتناول كل ما قد يظهر من إمكانيات الحوار الجدي بروح إيجابية وبناءة.

- ما هو المؤمل في السنة السياسية القادمة؟ هل تستشعرون تحديات سياسية معينة وإرادة حقيقية في الإصلاح من قبل السلطة؟

نحن نعتقد أن أوضاع الانغلاق ومحاصرة الحريات لا بمكن أن تتواصل وأن الإصلاحات الديمقراطية ضرورة وطنية لا تحتمل مزيد التأجيل، ولست أرى مع الأسف مؤشرات جدية عن استخلاص حقيقي للدروس وإقلاع حقيقي عن التناقض المعهود والذي مله الرأي العام بين خطاب بريد الإيحاء بالانفتاح وممارسة تبقي دار لقمان على حالها وتتمادى في نهج التسلط والانفراد بالرأي والقرار... ولكن لنقل إن الأوان لم يفت لاتخاذ ما يفرضه الوضع والمصلحة الوطنية من إجراءات جريئة في اتجاه الانفراج والإصلاح الديمقراطي فعلا لا قولا... ومهما يكن من أمر فما نيل المآرب بالتمني كما يقال، وحركتنا ستقوم بمبادرات هامة في السنة السياسية الجديدة على صعيدي المطالب السياسية والمطالب الاجتماعية...

وتبقى قضايا التغيير الديمقراطي مرتبطة إلى حد بعيد بالتغيير في موازين القوى، وسنواصل من جهتنا المساعي من أجل تحقيق الاستفاقة التي تجعل قوى المعارضة الديمقراطية والتقدمية تتجاوز حالة التشتت والتشرذم التي هي فيها، فتفتح لنفسها أفق التحالف والتوحد وتمسك بزمام المبادرة لتتقدم للرأي العام بمشروع إصلاحي وطني مقنع - ومحرر من الشوائب - يربط المطالبة بالديمقراطية ربطا متلازما بالتوجه الحداثي وبالتقدم والعدالة الاجتماعية... بهذا المشروع البديل وحوله سنكون قادرين بحول الله على تجميع أوسع الفئات في قطب فاعل ومؤثر على مجرى الأمور وقادر بالتالي على إنجاز المنعرج الديمقراطي...